لقد كنت أحد المطالبين بعدم فتح البورصة يوم الأربعاء 16/2/2011 وكتبت رسالة ضمنتها هذا الرأي والأسباب الداعية له بتاريخ 14/2/2011 وأرسلتها في حينه للعديد من أساتذة الأقتصاد والكتاب وإلى المختصين والقائمين على الأمور , وكان الأمر منصباً في وقتها على التحذير من تحول البورصة الى بوابة خلفية لتهريب الأموال إلى الخارج عن طريق عمليات " الأربيتراج " وبفضل من الله ظلت البورصة مغلقة حتى تاريخ كتابة هذه السطور .
ولكن مايؤرقني خلال هذه الفترة ارتفاع أصوات القائمين على البورصة والكثير من الاقتصاديين والمتعاملين بالمطالبة بفتح البورصة في أسرع وقت وقبل حلول تاريخ 28/3/2011 , وهم بذلك يشكلون قوة ضغط على متخذ القرارلتبني وجهة نظرهم التي يبرهنون على صحتها بتقديم المحاذير والمخاوف من استمرار إغلاق البورصة في النقاط التالية على وجه التحديد :
1- انخفاض الإستثمارات الخارجية الواردة إلى مصر باعتبار البورصة مرآة تعكس وضع الاقتصاد .
2- تعرض البورصة المصرية للشطب من المؤشرات العالمية إذا ظلت البورصة مغلقة حتى 28/3/2011 .
3- وقوع ضرر على المستثمرين وبالأخص صغارهم والمتمثل في عدم قدرتهم على استرداد أموالهم .
لذا وجب مناقشة هذه المحاذير والمخاوف بصورة علمية هادئة وعلى ضوء ماتفضي إليه المناقشة من حقائق يكون متخذ القرار في وضع يمكنه من أخذ القرار الصائب بالضوابط والآليات التي تحمي الاقتصاد المصري من إنهيارات البورصة .
مناقشة النقطة الأولى : البورصة مرآة تعكس حالة النشاط الاقتصادي
من المعلوم أن المرآة تعكس الصورة الحقيقية للأشياء ولكن الناظر في مرآة البورصة لا يشاهد إلا تشوهات الاقتصاد المالي بادية على منظومة الاقتصاد العيني الحقيقي وذلك للأسباب التالية :
1- البورصة المصرية القائمة نشأت اعتمادا على المنهج الرأسمالي الغربي دون تطويع لها لكي تلائم الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والاعتقادية السائدة في مجتمعنا وقد أدى ذلك إلى فتح باب التبعية للأسواق المالية الخارجية وجلب لنا أمراضها المتمثلة في المعاملات الوهمية التي تعرف بالمشتقات المالية التي يجـري التعـامل عليهـا في سوق العقـود الآجـلة والمسـتقبلية مثل البيـع على المكشوف أو القصير Short Sale والشراء بالهامش Margin والخيارات Options وبيع وشراء المؤشر Index وما شابهها فكلها من قبيل القمار مهما ابتكروا لها من مسميات وهو أمر لا يحتاج إلى مجهود في الإثبات فيكفي الاستشهاد ببعض وليس كل أقوال الاقتصاديين الغربيين الذين كتبوا عن المشتقات المالية ومنهم :
• دافيد كورتين صاحب كتاب العولمة والمجتمع المدني يقول إن أكثر من تريليون دولار تتداولها الأيدي إلتماسًا لعوائد مالية قصيرة الأجل لا علاقة لها بالإنتاج أو التجارة في أي سلع أو خدمات فعلية ، ويضيف أصبح النظام المالي العالمي ناديًا عملاقًا للقمار تعتمد الفوائد فيه على استخلاص الثروة من بين أيدي الآخرين .
• أما بيتر داركر فيقول أن المنتجات العلمية خلال الثلاثين عامًا الماضية كانت في الغالب مشتقات مالية لكنها في حقيقة الأمر لم تكن أكثر علمية من أدوات القمار في " لاس فيجاس " أو مونت كارلو " .
• أما شانس فيقول لن يكون بالوسع الإفلات من النقد الموجه إلى عقود الخيار والعقود المستقبلية بأنها تسهم في رعاية القمار المقنن.
• جورج سورس الملياردير اليهودي المعروف الذي كان وراء أزمة النمور الآسيوية وانهيار أسواقها المالية أعلن في لجنة البنوك الأمريكية عام 1994 أن بعض أدوات المشتقات المالية تم تصميمها خصيصًا لتمكين المؤسسات الاستثمارية من المقامرة .
2- إن تداول الأسهم في البورصة لايعبر حقيقة عن ملكية الأصول المادية للمشروعات فالتداول في البورصة يتعلق ببيع وشراء الحقوق المترتبة على الثروة دون المساس بأصل الثروة المتمثلة في أصول المشروع من أراضي ومباني وآلات ومعدات ... إلخ , فهناك انفصام تام في العلاقة بين ملكية الأسهم التي تباع وتشترى وبين الأصول المادية المملوكة للمشروع والتي تمثل أصل الثروة.
3- أسعار الأسهم المعلنة لا تعبر عن السعر الحقيقي أو العادل في كل الأحوال لأن هذه الأسعار ناتجة عن البيع على المكشوف وهو بيع أسهم غير مملوكة ( مقترضة ) على أمل انخفاض الأسعار وإعادة شراءها ، واستغلال السماسرة لثقة العملاء فيهم بإبرام صفقات احتيالية عن طريق تزويد العملاء ببيانات مضللة ، والشراء بغرض الاحتكار لأوراق مالية معينة لبيعها فيما بعد للراغبين بالسعر الذي يراه المحتكر ، إلى غير ذلك من الممارسات غير الأخلاقية التي تحدث في البورصة .
4- تطفل نشاط المغامرة والمقامرة على المعاملات الحقيقية فالتسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك والسماسرة للمتعاملين في البورصة ، والسماح بالتداول الآجل للأوراق المالية يؤديان إلى ارتفاع أحجام وأسعار التداول دون أن يكـون هـذا الارتفاع انعكاساً لنشاط الشركات ومعدلات أدائها وما حققته من أرباح ، وبذلك يتطفل نشاط المغامرة والمقامرة على عمليات البيع والشراء الحقيقية ، وتأخذ سوق الأوراق المالية اتجاه مستقل تماماً عن سوقي العمل والإنتاج .
5- تداول الأسهم بالبورصة لا يعدو عن كونه نقل ذمم مالية بين أطراف مختلفة دون تحقيق أي قيمة مضافة إلى الاقتصاد فتداول الأسهم في البورصة مهما بلغ حجمه لا يتعدى نقل الملكية من طرف إلى آخر دون أي فائدة تعود على الشركات المصدرة لتلك الأسهم ، حيث لا يصل إليها أي أموال تساعدها في تطوير الآداء أو زيادة الانتاج ناهيك عن تحسين ظروف العاملين بها .
6- الاستثمار في البورصة يهدر قيمة العمل ويساعد على زيادة معدلات البطالة لأن سهولة الاستثمار في البورصة ، بالإضافة إلى سرعة الحصول على أرباح نتيجة تقلبات الأسعار مقارنة بصعوبة الاستثمار في المجالات الأخرى إغراءاً للأفراد والشركات على الاستثمار في البورصة ، وقد دفع هذا البعض إلى تصفية أعمالهم التجارية أو بيع ممتلكاتهم لاغتنام فرصة الربح السريع ، فإن تحقق الربح فيكون على حساب إهدار قيمة العمل في النفوس ، وإن كانت الخسارة فإنها تهدر الثروات والمدخرات اللازمة لإقامة النشاط الاقتصادي القادر على خلق فرص عمل جديدة مما يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة .
7- البورصة لا تعبر عن النشاط الاقتصادي بصورة حقيقية لإن زيادة حجم التعامل وارتفاع أسعار التداول نتيجة تطفل المغامرة والمقامرة دون أن يكون هذا الارتفاع انعكاساً لنشاط الشركات ومعدلات أدائها وما حققته من أرباح , فلا قوائم مالية تؤخذ في الحسبان ولا الأداء المالي للشركات ومكرر الربح للسهم ولا إنتاجيتها ولا الطلب المستقبلي على منتجاتها ولا نمو القطاع أو الصناعة وتوجهاتها المستقبلية كـل ذلك لا يلتفت إليه ، وعوضاً عن ذلك يعتمد على مؤشر قيمة السهم صعوداً ونزولاً , ولمزيد من الإيضاح فإن بعض الشركات في سوق الأوراق المالية لم يبدأ نشاطها بعد ! وأخرى وهمية تحمل اسماً رناناً دون حتى مقر ! وشركات تعلن عن خسائرها جهاراً نهاراً على صفحات الجرائد ومع ذلك قيمة أسهمها في ارتفاع متزايد وعلى العكس من ذلك هناك شركات حقيقية تمتلك أصول بقيم مهولة وتحقق أرباح ومعدلات نمو عالية ومع ذلك أسهمها في إنخفاض وهذه الأوضاع تجعل البورصة لا يمكن أن تعبر بأي حال عن النشاط الاقتصادي بصورة حقيقية .
مناقشة النقطة الثانية : تعرض البورصة المصرية للشطب من المؤشرات العالمية
لمناقشة هذه النقطة فإن الأمر يتطلب تحديد النتائج السلبية الناشئة عن شطب البورصة المصرية من المؤشرات العالمية وفي تصوري أنها لاتخرج عن ثلاث حالات :
1- عدم وصول أي استثمارات خارجية إلي البورصة المصرية .
2- انخفاض حجم الاستثمارات الخارجية عن المعدلات السابقة .
3- عدم تأثر الأستثمارات الخارجية وبقائها على نفس المعدلات السابقة أو زيادتها .
بداية أجد أنه من الضروري في هذا الموضع توضيح أن إطلاق وصف الاستثمارات على الأموال الخارجية الواردة إلى البورصة المصرية (السوق الثانوية ) ليس وصفا صحيحاً حيث أن الأموال التي ترد إلى البورصة تستخدم في شراء الأسهم بغرض إعادة بيعها في الأجل القصير للإستفادة من فروق الأسعار ولاتصل باي حال من الأحوال إلى المساهمة في إقامة المشروعات الجديدة أودعم الشركات القائمة .
كما أن الإستثمارات لاتكون إلا في الطرح الأول أو في زيادة رأس المال وهذا يكون في سوق الإكتتاب وليس في تعاملات البورصة اليومية , وما يؤكد ذلك أن البيانات المتوفرة عن حجم وقيمة إصدارات الأسهم الجديدة الصادرة عن السوق المالية القائمة لم تكن تمثل في أي فترة من الفترات وزناً نسبياً ومهماً سواء بالقياس إلى حجم المدخرات المتوفرة أو إلى حجم الإستثمارات المتحققة , ويزداد الأمر وضوحاً إذا علمنا أن الشركات الأكثر حظوة لدى السوق من حيث سهولة حصولها على الأموال هي القطاعات المالية والعقارية وبعض الأنشطة الخدمية ، أما القطاع الصناعي والذي يضطلع بدور رئيسي في التنمية الاقتصادية للبلاد ، فيعتمد على دعم الدولة وتحملها لجزء كبير من المخاطر المرتبطة بنشاطه .
مناقشة النقطة الثالثة : وقوع ضرر على المستثمرين
وهذا الضرر متمثل في عدم القدرة على إسترداد أموالهم رغم حاجتهم إليها , فمن مناقشة النقطتين السابقتين تبين أن هؤلاء المتعاملين ليسوا بمستثمرين , حيث أن المستثمر الحقيقي هو الذي يشتري الأسهم للأجل الطويل ليشارك في الشركة ويحصل على الربح الناتج عن نشاطها الذي نشأت من أجله والذي يتكرر بصفة دورية وترتفع أسعارها بصورة طبيعية وحقيقية نتيجة الأرباح والإحتياطيات وارتفاع قيمة الأصول المملوكة للشركة وهذا ليس عليه أي ضرر لأن مقدار أرباح الشركة غير مرتبط بأسعار أسهمها في البورصة .
مع العلم بأن الخسائر الفادحة سببها الحقيقي هو الشراء بالهامش عن طريق الإقتراض لأنه كلما زاد معدل الأموال المقترضة إلى رأس المال إزدادت الخسارة وهنا يتبين أن الخسائر سببها المغامرة والطمع والمقامرة من المتعامل نفسه , ويمكنه أن يظل محتفظاً بالأسهم ويحصل على الربح الناتج عن النشاط الفعلي للشركة و يصبح مستثمر حقيقي .
حقيقة خسارة البورصة
بقي أمر مهم مرتبط بالنقاط السابقة وهو أنه عندما يقال أن البورصة قد خسرت المليارات فإنه من الضروري إيضاح أن هذه الخسائر مجرد أرقام معلنة ولكنها لم تتحقق بعد طالما لم يتم البيع , ولا تأثير لهذه الخسائر على الأصول الملموسة للشركات المصدرة لتلك الأسهم والارتفاع والإنخفاض والمكسب والخسارة على الورق فقط وتتحقق فعلياً عند البيع أو الشراء .
- فإن كان التعامل بين مصريين فإن أحدهما يكسب والآخر يخسر بنفس المقدار وتظل الأموال داخل الدولة مع تركيزها في يد فئة محدودة وهذا يمثل خلل في توزيع الثروة يضر بالاقتصاد ويهدد الأمن الاجتماعي .
- أما إن كان التعامل بين مصريين وأجانب وعند ارتفاع الأسعار باع الأجانب مايملكون من أسهم وحولوا الأموال بالنقد الأجنبي إلى الخارج فإن الاقتصاد المالي في هذه الحالة يسبب أضرار بالغة للاقتصاد الحقيقي نتيجة خروج عنصر من عناصر الانتاج من دائرة الاقتصاد مما يعيق عملية التنمية .
المناقشة السابقة أفرزت نتيجتين مهمتين علي النحو التالي :
النتيجة الأولى : البورصة لاتساهم في جذب المدخرات الداخلية لتمويل المشروعات الاقتصادية التنموية , كما أنها ليست مرآة تعكس الوضع الاقتصادي الذي يجذب رؤوس الأموال الخارجية للإستثمار في الداخل , وأن كل التخوفات والمحاذير من تضرر الاقتصاد المصري نتيجة إغلاق البورصة هي مجرد أوهام سرعان ما تتهاوى أمام الحقائق .
النتيجة الثانية : البورصة بوضعها الحالي لاتعدو عن كونها أكبر صالة قمار بشكل رسمي وقانوني , يتربح منها عدد محدود من المحترفين من كبار أصحاب رؤوس الأموال على حساب صغار المتعاملين الذين يحلمون بالثراء السريع دون القيام بأي عمل أو بذل مجهود , ولاتوجد أدنى رغبة أو توجه لدى القائمين على البورصة أو المتعاملين من خلالها للمساهمة في العملية التنموية أو تحقيق قيمة مضافة إلى الاقتصاد القومي .
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل يستمر إغلاق البورصة استنادا إالى النتيجتين السابقتين ؟ أم يتم فتحها بنفس آليات التداول السابقة إستجابة لضغوط القائمين على البورصة والمتعاملين فيها ؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب أولاً تحديد التعريف الاصطلاحي للبورصة وأقصد ( السوق الثانوية ) وليس سوق الاكتتاب أو الإصدار (السوق الأولية ) وذلك للوقوف على وظيفة البورصة الاقتصادية ومن ثم يكون قرار الإغلاق أو الفتح وفقاً لآليات وضوابط جديدة تنظم التداول وتجنب الاقتصاد القومي أزمات البورصة المتكررة .
التعريف الاصطلاحي للبورصة
توجد تعريفات عديدة للبورصة فقد عرفها أحد الاقتصاديين بأنها " سوق مالية منظمة يتداول فيها الأسهم والسندات وتحدد فيها الأسعار وفقاً للعرض والطلب " ، وعرفها آخر بأنها " سوق منظمة تنعقد في مكان معين في أوقات دورية للتعامل بيعاً وشراء بمختلف الأوراق المالية " ، وعرفت بأنها " عبارة عن نظام يتم بموجبه الجمع بين البائعين والمشترين لنوع معين من الأوراق أو لأصل مالي معين " ، والتعريفات السابقة تشير إلى أن البورصة سوق منظمة ولها مكان محدد تمييزاً لها عن التعاملات التي تتم خارجها ولا تتقيد بالأنظمة واللوائح .
وذهب البعض إلى التركيز على أهمية التنظيم والقوانين واللوائح فعرف البورصة بأنها " سوق مستمرة تقام في مكان ثابت للتعامل في صكوك معينة تصلح للمبادلات واسعـة النطاق ، وذلك بموجب قوانين ولوائح وقواعد لتنظيم عقد الصفقات ، وإقرار الشروط الواجب توافرها في المتعاملين والصكوك موضوع التعامل " .
ويوجد تعريف آخر لا يعتمد على التنظيم أو المكان الذي يتم فيه تداول الأوراق المالية ، بل يركز ويعظم دور وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة في التعاملات المالية ويعرف السوق المالي على أنه " الإطار الذي يجمع بائعي الأوراق المالية بمشتري تلك الأوراق ، وذلك بغض النظر عن الوسيلة التي يتحقق بها هذا الجمع أو المكان الذي يتم فيه ، ولكن بشرط توفر قنوات اتصال فعالة فيما بين المتعاملين في السوق بحيث تجعل الأثمان السائدة في أية لحظة زمنية معينة واحدة بالنسبة لأية ورقة مالية متداولة فيه " .
وهناك تعريف يوضح هدف المتعاملين في البورصة ويشير إلى دور الوسطاء الماليون ( السماسرة ) فيعرفها بأنها " سوق منظم تقام في مكان ثابت يتولى إدارتها والإشراف عليها هيئة لها نظامها الخاص تحكمها لوائح وقوانين وأعراف وتقاليد ، يؤمها المتعاملون في الأسهم والسندات من الراغبين في الاستثمار ، والناشدون الاستفادة من تقلبات الأسعار . تنعقد جلساتها في المقصورة يومياً حيث يقوم الوسطاء الماليون بتنفيذ أوامر البائعين والمشترين " .
والملاحظ فيما تقدم من تعريفات للبورصة أنها اقتصرت على المكان وعمليات البيع والشراء ولم تتضمن أي دور تنموي .
الوظيفة الاقتصادية للبورصة
من التعريفات السابقة نجد أن الوظيفة الاقتصادية الرئيسية للبورصة تنحصر في :
1- إيجاد سوق مستمرة لتداول الأسهم تمكن مالك الأسهم من تسييلها أو جزء منها بسرعة وسهولة وبأفضل سعـر موجود وبأدنى تكلفـة ممكنة ، وذلك بصرف النظر عن سبب التسييل ، سواء كان الدافع الحاجة إلى السيولة المطلقة ( النقدية ) ، أو الانتقال من قطاع استثماري إلى قطاع آخر أكثر ربحية ، أو لأي سبب آخر .
2- تسجيل حركة الأسعار لجميع الصفقات وعروض البيع وطلبات الشراء ، والتي تتحدد من خلال تفاعل قوي العرض والطلب ، وتقوم إدارة السوق بإعلان نشرة أسعار رسمية ، يعتمد عليها الأفراد والمشروعات عند اتخاذهم قرارات التداول .
في ضوء التعريف الاصطلاحي والوظيفة الاقتصادية تتضح حقيقة مفادها أن البورصة عبارة عن شهر عقاري مخصص لنقل ملكية الأسهم بطريقة سهلة وسريعة , وسجل منظم للأسعار التي تم بها التداول بصرف النظر عن الأسعار الحقيقية العادلة . وفيما يلي اقتراح متواضع بالآليات والضوابط المقترحة لتصحيح وضع البورصة والعودة بها إلى وظيفتها الاقتصادية الحقيقية بعيداً عن المغامرة والمقامرة .
الآليات والضوابط المقترحة لتصحيح وضع البورصة واعادتها إلى وظيفتها الاقتصادية
وسأكتفي بعرض قسمين من الآليات على النحو التالي :
الآليات المتعلقة بعمليات التداول
1- قصر التعامل على العمليات العاجلة الفورية التي يتم فيها نقل الملكية بصورة فعلية وبتسليم المشتري الأسهم وحصول البائع على الثمن .
2- حظر العمليات العاجلة التي تقوم على الاقتراض من السمسار .
3- حظر جميع العمليات الآجلة .
الآليات التنظيمية والجزائية
1- قصر تعامل رؤوس الأموال الخارجية في سوق الإصدار (السوق الأولية ) ووفقاً لخطة التنمية المطروحة من الدولة ، ويحظر عليها التعامل في البورصة ( السوق الثانوية ) .
2- منع البنوك والسماسرة من تقديم ائتمان يستخدم في عمليات شراء الأسهم .
3- إلزام الشركات بتقديم نماذج شهرية موحدة بالبيانات التي تطلبها البورصة لتقوم بنشرها لجميع المتعاملين على موقع البورصة لضمان صحة المعلومات والقضاء على الشائعات .
4- توحيد القيمة الإسمية لأسهم جميع الشركات عند الإصدار وأن تكون هذه القيمة في متناول الجميع 10 جنيهات مثلاً ومنع عمليات تجزئة الأسهم لما يشوبها من تلاعب .
5- العمل على إصدار قانون يجرم مضاربة البورصة ، وكذلك التأثير في الأسعار عن طريق إعلان بيانات كاذبة أو مضللة .
بناء على كل ماتقدم يمكن فتح البورصة ولكن بشرط اتخاذ ترتيبات ضرورية وعاجلة استعداداً ليوم الافتتاح لحماية الأسعار من الإنهيار , وكذلك اختيار التوقيت المناسب لفتح البورصة.
أولاً : الترتيبات الضرورية الواجب اعدادها ليوم الافتتاح
1- رصد الأموال اللازمة لانشاء صندوق لشراء الأسهم من صغار المتعاملين في البورصة .
2- إيجاد آلية لعدم تنفيذ أو إلغاء عمليات البيع القصير وعمليات الشراء بالهامش المفتوحة من قبل إغلاق البورصة ودون آثار مترتبة عليها لجميع المتعاملين .
3- منع البنوك من بيع صناديق المتاجرة بالأسهم التي لديها حتى ينتظم العمل بالبورصة .
4- السماح للبنوك مؤقتا بالاستثمار المباشر عن طريق المشاركة في الشركات الاقتصادية الحيوية كشركات المطاحن والأسمنت والنسيج وغيرها , وذلك بشراء أسهمها عند الافتتاح شريطة أن تكون أسعارها مساوية أو تقل عن أسعارها الحقيقية وفقاً لآخرميزانيات معلنة لتلك الشركات .
5- القيام بحملة إعلانية موجهة لصغار المتعاملين بالانتظار وعدم البيع مع إمكانية إقراضهم من البنوك بنسبة من قيمة أسهمهم وبضمانها .
6- إعلان قائمة بأسهم الشركات الحيوية للاقتصاد والتي تقل أسعارها عن قيمها الحقيقية والاتصال بأصحاب الحسابات الجارية بالبنوك لشرائها والاحتفاظ بها لأخذ عوائدها كاستثمار طويل الأجل .
ثانياً : التوقيت المناسب لفتح البورصة
في تصوري أن التوقيت المناسب لفتح البورصة يتوقف على عاملين أساسين :
1- مدى الرغبة والقدرة على تنفيذ الآليات والضوابط المقترحة لتصحيح وضع البورصة والعودة بها إلى وظيفتها الاقتصادية , ومدى استكمال الترتيبات الضرورية العاجلة ليوم الافتتاح .
2- مدى التقدم في إنهاء حالة الإحتقان بالشارع المصري وعودة الحياة إلى سابق طبيعتها وتحسن الأوضاع الأمنية والاطمئنان على سلامة واستقرار القطاع المصرفي مما ينعكس على الحالة النفسية للمتعاملين وهي من أهم عوامل منع إنهيار الأسعار عند الافتتاح وإلا فلتظل البورصة مغلقة.
ختاماً أرجو اعتبار هذه الصيحة لمن يهمه الأمر دعوة لكل مصري ولكل من يحب مصر من غير المصريين لدعم الاقتصاد المصري بالحرص على توجيه رؤوس أموالهم إلى النشاط الإنتاجي بمصر باعتباره المحور الأساسي في النشاط الاقتصادي العيني القادر على توفير فرص عمل للشباب وتحقيق دخل لهم , بدلاً من توجيه رؤوس أموالهم إلى النشاط المالي الطفيلي الذي لا يحقق أي قيمة مضافة للاقتصاد , بل على العكس يهدر الثروات والمدخرات اللازمة للعملية التنموية في تعاملات وهمية لا يستفيد منها سوى فئة مخصوصة ومحدودة ويكون ذلك على حساب تدمير الاقتصاد القومي بدعوى المحافظة على البورصة !! .
عبد الفتاح محمد صلاح
مشرف موقع الاقتصاد العادل