لا شاغل اليوم للعالم إلا الحديث عن الأزمة المالية التي تعصف باقتصاديات دول العالم ، فتداعيات أزمة الرهن العقاري التي حاقت بالاقتصاد الأمريكي مهددة بشبح كساد وشيك انتقلت إلى كافة البورصات العالمية لتفتك باقتصاديات أوروبا وآسيا ومنطقة الخليج العربي في صورة أشبه بالزلازل التي لا يُعرف متى تنتهي توابعها ، أو العواصف النارية التي لا يمكن التنبؤ بأضرارها .
عندما تحدث الاقتصاديون عن الأزمة وكتبوا عنها مستخدمين المصطلحات الاقتصادية المتخصصة صعب على الكثير من المستمعين والقراء استيعاب أبعاد الأزمة بصورة واضحة رغم أنهم المعنيون بتحمل تبعاتها مما زادهم حيرة وقلق ورغبة ملحة في معرفة حقيقة ما حدث ويحدث .
هذا ما دفعني لكتابة هذه السطور لأوضح للقراء الكرام بصورة مبسطة ما هي أزمة الرهن العقاري ، وتطورها ، وتداعياتها ، ومدى تأثيرها على حياتهم اليومية ، بالإضافة إلى رؤية مغايرة للحدث في ضوء قواعد ومبادئ وضوابط الاقتصاد الإسلامي .
تعريف الرهن العقاري
ما اصطلح على تسميته بأزمة التمويل في سوق الرهن العقاري الثانوي الأمريكي هو البداية الحقيقية للأزمة المالية العالمية التي نشهدها حالياً حسب توصيف الاقتصاديين الأمريكيين .
ـ التمويل ( القرض ) العقاري : هو النظام المعتمد في المجتمع الأمريكي والمجتمعات الغربية عموماً للحصول على المساكن وسداد قيمتها على أقساط شهرية لآجال طويلة تتراوح بين 20 ، 30 عاماً ، وذلك بإضافة معدل للفائدة المركبة مما يجعل الثمن النهائي للعقار باهظاً .
ـ الرهن العقاري :فهو الضمان الذي يقدمه المشتري للممول ليحصل على القرض ويكون العقار المشترى ذاته هو الضمان لسداد الأقساط الشهرية في مواعيدها المحددة سلفاً في العقد ، وفي حالة تعثر المقترض في السداد يصبح من حق المقرض بيع ملكية المقترض المرهونة ليسترد تمويله .
- السوق الثانوية : هى البورصة التي يتم فيها تداول الأوراق المالية باعتبارها أصول قائمة بذاتها في انفصام تام عن أصل العلاقة التي بسببها خرجت هذه الأوراق المالية إلى الأسواق .
بداية الأزمة وتطورها
1.من منتصف سنة 2000 إلى 2003 قلص الاحتياطي الفيدرالي ( البنك المركزي الأمريكي ) أسعار الفائدة الموجهة من 6.5 % إلى 1 % ، وذلك من أجل تفادي ركود اقتصادي ناتج عن تراجع مؤشر البورصة نتيجة لانهيار أسعار أسهم شركات التقنية عالية التكنولوجيا وهو ما عرف في حينها بفقاعة " الدوت كوم " .
2.انخفاض معدلات الفائدة بنسب عالية حتى وصولها إلى 1 % في عام 2003 وهو ما يعني بحسابات البنوك " صفر " تقريباً ، شجع الأفراد على الاقتراض الذي حفز على الانفاق وامتدت حمى الشراء إلى قطاع المنازل ، وانفتح المجال أمام ضعيفي الدخل . هكذا تم توجيه أكثر من 1000 مليار دولار من البنوك نحو سوق القروض العقارية عالية المخاطر sub primes " ساب برايم " وهو السوق الذي يتم فيه تمويل المقترضين الأكثر فقراً والأقل وفاءً بالولايات المتحدة .
3.البنوك المقرضة لتقليل مخاطرها قامت بتجميع القروض في مجموعات تتألف من القروض الأكثر خطورة والقروض الأكثر ضماناً وجعلتها حزمة واحدة وقدمتها لمؤسسات تقيم المخاطر وأخذت عليها تصنيف AAA أي أنها قروض ممتازة .
4.بعد الحصول على التصنيف AAA قامت البنوك ببيع هذه القروض كسندات للمستثمرين وبذلك تخلصت البنوك المقرضة من المخاطر وحملتها للمستثمرين .
5.المستثمرون قاموا برهن السندات المدعومة بعقارات إلى البنوك الاستثمارية الأمريكية باعتبار أنها أصول للحصول على تمويل ( ديون ) جديدة بضمانها تصل إلى 30 ضعف من قيمتها للاستثمار في شراء مزيد من السندات .
6.البنوك الاستثمارية الأمريكية باعت السندات لمستثمرين عبر العالم وبذلك تورطت بنوك استثمارية عالمية وصناديق تحوّط وصناديق سيادية كالتأمينات والمعاشات .
7.بعض المستثمرين الدوليين أمنوا على السندات ضد مخاطر عدم السداد مما أدى إلى تورط شركات التأمين .
8.في بداية عام 2004 قام البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي بهدف استقرار قيمته أمام العملات الأخري مما أدى إلى زيادة الأعباء على مديني الرهن العقاري لأن العقود تنص على زيادة الفائدة عند تغيرها من البنك الفيدرالي , فبدأ جانب منهم يشعر بعجزه عن سداد الأقساط المستحقة عليه .
تداعيات الأزمة
1.مع ضغوط البنوك الممولة على المقترضين توجهوا لبيع وحداتهم السكنية فزاد المعروض من الوحدات وحدث انخفاض عام في قيمة الوحدات السكنية فدخلت فئات أخرى في نطاق العاجزين عن السداد ، مما أثر بدوره على مشروعات الاستثمار العقاري الجديدة التي بنت اقتصادياتها على وجود طلب على الوحدات السكنية مما زاد الأزمة حدة وبدأت البنوك في عمليات الحجز على المنازل واستردادها .
2.في نهاية عام 2007 تضاعف عدد حالات الحجز على المنازل واستردادها من قبل البنوك وبدأ الاحساس بوجود أزمة عامة لأنه مطلوب استرداد 2.2 مليون منزل تقريباً مما يعني تشريد راهنيها والذين يرفض الكثير منهم تسليمها والبعض قام بتدمير محتوياتها عند سحبها منهم انتقاماً والبعض أقدم على الانتحار .
3.مع الإحساس بوجود أزمة عامة نتيجة حالة الركود في السوق العقاري تأثرت أسهم وسندات شركات التمويل العقاري والبنوك التي تساهم في التمويل وشركات التأمين التي تقدم التغطية التأمينية وشركات الاستثمار العقاري التي تبني وحدات سكنية جديدة ، مما أدى إلى إعلان إفلاس بنك الأعمال " ليمان براذرز " ، وتأميم الحكومة البريطانية لبنك " نورذرن روك " لمنع انهياره ، وأممت الحكومة الأمريكية أكبر مجموعة تأمين في العالم " آيه آي جي " المهددة بالإفلاس نظير منحها 85 مليار دولار ، كما وضعت الحكومة الأمريكية العملاقين في مجال الرهن العقاري فريدي ماك ، وفاني ماي تحت الوصاية لإعادة هيكلة ماليتهما مع كفالة ديونهما حتى حدود 200 مليار دولار ، وأعلنت أيسلندا أنها قد تتعرض للإفلاس واستخدمت بريطانيا ضدها قوانين مكافحة الإرهاب وجمدت أرصدتها لديها .
4.مع زيادة حدة الأزمة واصلت البورصات العالمية تدهورها ، وأصبح لزاماً على الحكومات ضرورة التدخل في الاقتصاد ووضع خطط لإنقاذ العالم من كارثة مالية محدقة ، فتعهدت الحكومة الأمريكية بتقديم 700 مليار دولار للبنوك لتخليصها من أصولها غير القابلة للبيع ، وأقر البرلمان الألماني خطة للإنقاذ المالي بـ 500 مليار يورو ، والبرلمان الفرنسي يقر خطة بـ 360 مليار يورو لدعم المصارف ، والنمسا تضخ 100 مليار يورو ، وسنغافورة تضمن جميع الودائع بالبنوك والمؤسسات والبالغ قدرها 102 مليار دولار ، والمركزي الهندي يضخ 8 مليارات دولار لمواجهة الأزمة ، ومصرف اليابان المركزي يعلن أنه قد ضخ أكثر من 20 مليار دولار من السيولة في الأسواق ، وكوريا الجنوبية تضخ 130 مليار دولار .
ورغم كل هذه التداعيات إلا أن حجم الأزمة الحقيقي لم يتضح حتى الآن ، وقد حذر وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسن من انهيار المزيد من المؤسسات المالية رغم خطة الإنقاذ ، والعالم يتوجس خيفة من الركود الذي يزداد يوماً بعد يوم وقد يؤدي إلى كساد عالمي يعرض أكثر من مليار شخص للموت جوعاً مما ينذر بثورة جياع تهدد الاستقرار العالمي .
تأثير الأزمة على منطقتنا العربية
بداية لا يمكن التنبؤ بدقة عن مدى تأثير الأزمة على دول وأفراد المنطقة العربية لأن تداعيات الأزمة لم تنته بعد ، كذلك هناك نقص في المعلومات عن حجم الأموال العربية المستثمرة خارجياً وما مدى ارتباطها بأزمة الرهن العقاري ، وخاصة في ضوء تجاهل المسئولين الحديث عن الأزمة وتداعياتها باعتبار أن منطقتنا العربية غير معنية بها ، وإذا أدلوا بتصريحات تكون في صورة تطمينات بأن بلدانهم بعيدة عن الأزمة وهذه التطمينات مطلوبة وضرورية حتى لا يحدث حالة من الهلع تكون أزمة في حد ذاتها .
ولكن هذا لا يمنع من ضرورة أن يكون هناك شفافية في المصارحة ولو بشكل مجمل يوضح أن هناك آثار غير مباشرة ولكنها حقيقية وستؤثر على مستويات النمو وأنه سيحدث انخفاض في دخول الأفراد ومستوى معيشتهم ، نتيجة تراجع النشاطات الاقتصادية في كافة أرجاء العالم لأن الاقتصاد العالمي في ظل العولمة مترابط وأن أي أزمة تؤثر بطرق مباشرة أو غير مباشرة ولو بعد حين في باقي مناطق العالم .
فدول منطقة الخليج العربي ستنخفض دخولها بانخفاض سعر النفط مما يعوق تنفيذ المشاريع الاقتصادية الكبيرة ، ويهدد بفقد جزء من أرصدتها المالية المستثمرة في الخارج .
كما سيكون للأزمة تأثيراً سلبياً بدرجة ما على دخل مصر من السياحة نتيجة انخفاض أعداد السياح القادمين من دول الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة بسبب انخفاض الدخل الحقيقي لهؤلاء السياح ، وستنخفض إيرادات قناة السويس نتيجة انخفاض حركة الصادرات والواردات في التجارة العالمية وأغلبها تمر من قناة السويس ، وستنخفض الصادرات المصرية من الحاصلات الزراعية والمنسوجات إلى كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ، ومن المتوقع ارتفاع أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري نتيجة فقد جزء من الدخل القومي من القطاعات السابقة وخروج المستثمرين الأجانب من البورصة .
وبالتالي سينخفض الناتج المحلي وستزيد معدلات البطالة ، وستنخفض أسعار العقارات نتيجة انخفاض مشتريات الأجانب التي بلغت 400 مليون دولار خلال العام الماضي 2007 / 2008 ومن المتوقع أن تظهر هذه التأثيرات السلبية النسبية خلال الفترة القادمة .ادمة .
الآن وبعد هذه الأزمات المالية المتكررة ( الفقاعات ) كما يحلو للاقتصاديين الرأسماليين تسميتها وآخرها تحول أزمة الرهن العقاري الأمريكي من مشكلة داخلية إلى أزمة عالمية يعجز أي طرف عن إيجاد حل منفرد لها ، يتبين أن السبب الحقيقي يكمن في فساد آليات النظام الاقتصادي الرأسمالي نفسه .
وهو ما دفع العديد من السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين الغربيين للإعلان عن ذلك صراحة وبصور مختلفة ، فقد أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في القمة الأوروبية المصغرة لقادة منطقة اليورو " أوروبا يمكنها أن تقول للعالم لا تعودوا إلى نفس العادات السيئة التي كانت قبل الأزمة .. وأضاف قائلاً أننا مجمعون في القول بأن إعادة تأسيس النظام المالي يتعين أن تكون على أساس عالمي ، ويجب ألا تفلت أية مؤسسة مالية من الإشراف " .
أما السيدة أنا كاترين غلاس ، الكاتبة في الشئون السياسية بمنظمة " إعلان برن " فتقول في عبارات مناهضة للعولمة " علينا مكافحة النهج الليبرالي الجديد والذي تعتمده المؤسسات المالية الدولية في دعوتها إلى تحرير التجارة العالمية ، وإلغاء الرسوم الجمركية أو الاجراءات التي تحمي المنتجات المحلية في البلدان الفقيرة " . وتضيف أن المطلوب من وجهة نظرها " إجراءات حقيقية تغير الرؤية والإطار المتحكمين في الاقتصاد العالمي " . وذلك في إطار تعليقها على قرارات البنك الدولي خلال مؤتمره السنوي الذي انعقد في 12 / 10 / 2008 .
ومن ضمن قرارات اجتماع باريس الذي خصص لدراسة الأزمة المالية العالمية " التخلي عن معايير المحاسبة الجديدة التي تفرض على الشركات تقييم أسهمها بحسب أسعار السوق ، وليس على أساس أسعار الشراء . وينظر إلى هذه المعايير الجديدة على أنها سبب إضافي لتكريس الأزمة " .uot; .
وفي بيان صادر عن " أوكسفام " وهو ائتلاف للأعمال الخيرية ومكافحة الفقر تعليقاً على المؤتمر السنوي للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي " المؤتمر يقترح حلولاً في منتهى السخرية للبلدان الفقيرة . فقادة العالم يعترفون بتفاقم أزمة الفقر في الدول النامية لكنهم يتجاهلونها في النهاية " . وورد أيضاً في البيان " في الوقت الذي تحشد فيه البلدان المتقدمة 1000 مليار لإنقاذ المصارف من الإفلاس تعجز عن توفير 1 % من هذا المبلغ لإعانة الدول الفقيرة لتجاوز أزمة الغذاء التي يعاني منها الملايين من البشر " .
وهناك تصريحات أخرى كثيرة في هذا السياق تعترف بأن هناك فساد في آليات النظام الرأسمالي الليبرالي ، يتطلب التعاون من أجل تعديلها وإقرار نظم رقابية أكثر فاعلية حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمات .
وعلى الرغم من هذه التصريحات التي يملؤها الاحساس بالمرارة من هول ما حدث ، والإجراءات السريعة المؤلمة التي اتخذت والمطالبة الجادة بإعادة بناء النظام المالي على أساس عالمي لا تنفرد به دولة واحدة .
هذا الأساس العالمي لإعادة بناء النظام المالي يستوجب النظر في جميع الطروحات الاقتصادية المختلفة وهنا تبرز أهمية وجهة النظر المغايرة المتمثلة في المعالجة الاقتصادية الإسلامية . بداية وقبل الحديث عن المعالجة الاقتصادية الإسلامية ( مع الأخذ في الاعتبار انهيار النظام الاشتراكي ) يجب التنويه لأمرين :
أولهما : هما حقيقة أن الأنظمة الاقتصادية المختلفة تتفق في مفهوم التنمية المعتمد على استخدام العناصر الإنتاجية المتاحة بكفاءة وفي مقدمتها عنصري العمل ورأس المال لزيادة الدخل القومي أو زيادة متوسط دخل الفرد , ويكمن الاختلاف في الأهداف والوسائل , فبينما يهدف النظام الرأسمالي إلى تحقيق الإشباع المادي عن طريق زيادة الإنتاج دون اعتناء باحتياجات الإنسان المعنوية والروحية ، نجد النظام الإسلامي يهتم بأن يكون الإشباع المادي متسقاً مع الإطار التعبدي والخلقي .
ثانيهما :يهما أن حرية التعامل في النظام الاقتصادي الإسلامي تختلف عن حرية التعامل في النظام الرأسمالي ، فبينما يترك للأفراد حريتهم في التعامل طالما يحقق لهم ربحاً مهما كان نوع النشاط وطريقة ممارسته لما يجب أن يفعلوه ولا يجب التدخل في النشاط الاقتصادي وفقاً للنظام الرأسمالي الليبرالي ، نجد أن النظام الإسلامي يقر حرية ممارسة النشاط الاقتصادي بكافة مجالاته ومن ضمنها التجارة والأسواق بشرط التزام الصدق والأمانة وحظر الغش وحسن الوفاء ، وعدم مضارة الغير ، وأن يكون العمل في أساسه مشروعًا والسلعة المباعة غير ضارة بالناس .
بعد هذا التنويه يجب المصارحة بأن ما قامت به دول العالم من خطط وإجراءات لمعالجة الأزمة لا يعدو عن كونه مجرد مسكنات لتخفيف الأزمة وإذا أرادوا علاج المشكلة فلابد من القضاء على أسبابها الحقيقية المتمثلة في :ة في :
1.إلغاء جميع أنواع التمويل ( القروض ) بفائدة
هذه العقود كما وصفتها " الموسوعة الحرة " عقود حقيرة تجعل القسط يرتفع مع طول المدة ، وعند عدم السداد لمرة واحدة تأخذ فوائد القسط 3 أضعاف عن الشهر الذي لم يتم سداده ، ليس هذا فحسب فهناك بنود في العقود ترفع الفائدة عند تغيرها من البنك الفيدرالي الأمريكي ، وبند آخر ينص على أن المدفوعات الشهرية خلال السنوات الثلاث الأولى تذهب كلها لسداد الفوائد وليس لملكية جزء من البيت .
ومن العجيب أن يكون أول إجراء يتخذه الاحتياطي الفيدرالي هو خفض سعر الفائدة وكذلك المركزي البريطاني وخمسة بنوك عالمية أخرى ، مما جعل أوليفري بلانشارد " كبير اقتصادي صندوق النقد الدولي " يقول أن الخطوة المتناسقة التي اتخذتها المصارف المركزية بخفض أسعار الفائدة " خطوة على الطريق الصحيح " .
فإذا كانوا يعرفون أن الفائدة تعتبر سبب حقيقي في الأزمة فلماذا لا يلغونها من نظامهم حتى لا تتكرر الأزمة .أزمة .
والنظام الاقتصادي الإسلامي يحرم كل قرض بفائدة ( الربا ) وجاء التحريم الصريح في قوله تعالى { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } البقرة 275 ة 275 .
2.إلغاء البيع على المكشوف من البورصة ( البيع القصير short sale )
الموسوعة الأمريكية عرفته بأنه البيع الذي يحدث عندما يبيع شخص مالا يملكه بعد ، ويوصف البيع على المكشوف بأنه شر مستطير .
ومن العجيب أن تعلن الولايات المتحدة في إجراء استثنائي حظر عمليات البيع القصير للتخفيف من آثار الأزمة .
والنظام الاقتصادي الإسلامي يحظر أن يبيع الإنسان سلعة لا يملكها أو سلعة معدومة غير موجودة , وقت التعاقد وقد ورد النهي الصريح في قوله صلى الله عليه وسلم " لا تبع ما ليس عندك " .
3.إلغاء بيع المشتقات والخيارات وعقود التحوط من البورصة بورصة
هذه الأنواع من البيوع لايتم فيها بيع ولاشراء , ولايوجد فيها تسليم ولا تسلم وهى نوع من أنواع الرهان والقمار , ولها آثار تدميرية على الاقتصاد الحقيقي .ول رئيس روبيني غلوبل ايكونوميكس " هوى نظام مصارف الظل الذي نشط فيه وسطاء الصفقات أو صناديق التحوط ، وصناديق الأوراق المالية ، وصناديق الأسهم ، ووسطاءالرهن " ويضيف قائلاً والحق أن المؤسسات المالية الأوروبية تواجه مخاطر خسارة كبيرة جراء شرائها منتجات أمريكية بدت أنها آمنة ، وتبين أنها مسمومة " .
وعلماء الشريعة يعتبرونها عقود فاسدة ولا تصح بأي وجه من الوجوه لأنها عقود وهمية لا تهدف إلى بيع ولا شراء بل المراد المراهنة والقمار ، وهي لا تحقق أي قيمة مضافة للاقتصاد.
بعد كل هذه الحقائق عن الأزمات المتكررة التي تحدثها النظم الآقتصادية الوضعية أما آن للمسلمين أن يعرفوا ما في دينهم العظيم من كنوز ويفخروا به ويعملوا على تفعيل القيم والمبادئ والأخلاق التي يحض عليها في كل نواحي الحياة بما في ذلك الجانب الاقتصادي ، وعلى الباحثين والكتاب والعاملين في مجال الاقتصاد الإسلامي أن يقوموا بدورهم في بيان وشرح قواعد ومبادئ وضوابط وأخلاق الاقتصاد الإسلامي للعالم أجمع الذي هو أحوج مايكون إليها الآن , ويطلب بإلحاح المساعدة في إقامة نظام مالي عالمي جديد ، كذلك يجب عليهم تقديم البدائل المالية الأسلامية لتكون نواة للنظام المالي العالمي , وخاصة أنها صالحة لكل زمان ومكان وفيها رحمة لجميع البشر مصداقًا لقول ربنا { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } الأنبياء 107اء 107
عبد الفتاح محمد صلاح
مشرف موقع الاقتصاد العادل