بحث قُدم إلى الملتقى الخامس للتأمين التعاوني الذي نظمته الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل التابعة لرابطة العالم الإسلامي، والذي عُقد بقاعة القصر بفندق هيلتون أبو ظبي- الإمارات العربية المتحدة بتاريخ 18- 19 مايو 2014.
البحث يظهر أن مسمى التأمين التعاوني الإسلامي أو التأمين التكافلي الإسلامي الذي يطلق على التأمين التعاوني المجاز، هي مسميات تجمع بين الأضداد ولا تعبر عن التكافل الإسلامي في شئ، فالتأمين أساسه دفع القسط ولا وجود للتأمين بدون القسط، والتكافل الإسلامي أساسه التراحم وبدون قسط، وإذا دفع فيه قسط لم يعد تكافلاً وانقلب إلى تأمين. فالتكافل أصل في المنهج الاقتصادي الإسلامي، يقدم خدماته غير المحدودة لأفراد المجتمع فقرائهم قبل أغنيائهم، ولا يجب تقزيمه ليتحول إلى مجرد بديل للتأمين، والتأمين تطبيق بشري يقدم خدمات معينة وفق قواعد قانونية وفنية محددة لفئة الأغنياء في المجتمع، ولن يستطيع في يوم من الأيام تغطية المجالات التي يغطيها التكافل.
ويؤكد البحث على أن استشراف مستقبل إعادة التأمين التعاوني مرتبط بمستقبل التأمين التعاوني، الذي يثبت خلاف العلماء بشأنه أنه مازال بحاجة إلى مزيد من البحوث الاقتصادية والفقهية بمنهجية جديدة، تعتمد على التعاون بين الاقتصاديين المختصين في مجال التأمين وبين الفقهاء المعاصرين، بشرط الخروج من ضيق دائرة " أسلمة التأمين " المرتبطة بإعادة التوصيفات الفقهية وتغيير المسميات التأمينية لتوافق هذه التوصيفات، والدخول في رحابة الاجتهاد الاستصلاحي أو المصلحي الذي يواكب تطور الحياة العصرية.
يوصي البحث بضرورة البدء في اتخاذ خطوات عملية جادة للتأصيل للتكافل الإسلامي بإقامة كيانات اقتصادية استناداً على فريضة الزكاة الإلزامية ونظام الوقف التطوعي، وهما أداتان من أدوات النظام الاقتصادي الإسلامي، شهد لهما العلماء الغربيين المنصفين، بقدرتهما على حل المشاكل الاقتصادية التي استعصت على كل النظريات والفلسفات، وخاصة أنهما شكلا معاً مظلة تكافلية حقيقية غطت مجالات تأمينية لم يستطع التأمين الحديث تغطيتها، في وقت لم تتوفر فيه الوسائل العلمية والتكنولوجية الحديثة، وهذا الإنجاز تم بدون سداد أقساط.