هذا العنوان الغريب هو مضمون أحد البرامج التعليمية المبتكرة للبورصة المصرية التي تهدف إلي توجيه اللاعبين من طلبة المدارس وتطوير قدرتهم على الاستثمار في البورصة .

 البيانات المعلنة بموقع ستوك رايدرز

 أخذت إدارة البورصة على عاتقها نشر ثقافة اللعب في البورصة " الاستثمار في سوق رأس المال " بين الجمهور بجميع فئاته بما في ذلك طلبة المدارس .

 في سبيل نشر ذلك الوعي قامت البورصة بإصدار عدة كتيبات تعليمية بالإضافة إلى برنامج عبارة عن محاكاة للتداول على الأسهم بأسعارها الحقيقية في البورصة المصرية في صورة لعبة شيقة ومبسطة على الإنترنت , يتمكن من خلالها اللاعب من اتخاذ القرارات الاستثمارية السليمة بالبيع أو الشراء وذلك خلال الدورة التنافسية .

 بداية برنامج ستوك رايدرز التعليمي

 بدأ برنامج ستوك رايدرز عندما قامت بورصتي القاهرة والأسكندرية بإطلاق هذا البرنامج بصفة تجريبية في فبراير 2000 في مدرستين وثلاث جامعات , وقد تجاوز عدد مستخدمي البرنامج على الإنترنت 8000 لاعب في نهاية عام 2008 وكنوع من التعريف والدعاية تم توزيع 18000 كتيب وشريط فيديو تعليمي على كافة المستويات العمرية .

 شاركت وزارة الاتصالات والمعلومات بنشر برنامج ستوك رايدرز المعدل في أندية تكنولوجيا المعلومات التابعة للوزارة والبالغ عددها أكثر من 900 نادي على مستوى الجمهورية , وتم تدريب ممثلي أندية تكنولوجيا المعلومات ليتمكنوا من الرد على استفسارات الجمهور المهتم باللعبة كمساهمة من الوزارة في نشر وعي اللعب الاستثماري بين أفراد المجتمع .

 قواعد لعبة ستوك رايدرز

 •يتم منح كل لاعب 100 ألف جنيه وهمية لاستثمارها في البورصة .

 •يتم اللعب " التداول " في البرنامج في نفس الأوقات الرسمية للتداول في البورصة المصرية من الساعة 10:45 صباحاً إلى 2:45 مساءً ومن يوم الأحد إلى الخميس , وبناءً على تغير أسعار الأسهم الحقيقية مع فارق 15 دقيقة تأخير عن الأسعار اللحظية.

 •يعلن فريق عمل ستوك رايدرز عن توزيعات الأرباح من خلال قسم الأخبار بالموقع .

 •يستفيد اللاعب في حالة التوزيعات النقدية بزيادة رصيد السيولة المتاحة له , وفي حالة توزيع أسهم يزيد رصيد اللاعب من الأسهم طبقاً للإعلان المنشور على الموقع .

 •يتحمل جميع المشتركين 0.5% على كل أمر بيع أو شراء نظير السمسرة .

 •سيتحدد الفائزين في نهاية الدورة على أساس ترتيب المحافظ من حيث السيولة المتبقية + القيمة الكلية للأسهم في المحفظة .

 وزارة التربية والتعليم تقوم بتدريس البورصة

 صرح رئيس البورصة المصرية أن إدخال مفاهيم البورصة في المناهج الدراسية المختلفة يعد هدفاً تعمل البورصة عل تحقيقه بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم لنشر الثقافة المالية بين الأجيال الحالية والقادمة , جاء هذا التصريح خلال جلسة تداولات البورصة المصرية التي افتتحها وزير التربية والتعليم بتاريخ 7/7/2011 في إطار مبادرة التعاون بين البورصة المصرية ووزارة التربية والتعليم .

 وللمرة الأولى قام فريق من إدارة البورصة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بحملة تدريبية لطلبة المدارس بمصر الجديدة وشرق مدينة نصر , تضمنت محاضرات تعليمية عن أساسيات التداول وبيع وشراء الأسهم بشكل مبسط لطلبة المدارس بعدما كان البرنامج التدريبي قاصراً على الجامعات في المراحل السابقة .

 الاستيلاء على أموال الغد من اليوم

 ستوك رايدرز مدارس لعبة بتنظيم ورعاية هيئة البورصة المصرية ترتب للاستيلاء على أموال الغد من اليوم , ويبدأ الاستيلاء على الأموال المستقبلية بالاستيلاء على العقول والأفكار الغضة لأبنائنا من طلبة المدارس , عن طريق محاضرات وندوات عن الاستثمار في البورصة مع تدريبهم على نسخة تجريبية تقدم لهم في صورة لعبة مسلية وشيقة تجعلهم يعيشون وهم الثراء السهل والسريع .

 فبدلاً من أن تقوم وزارة التربية والتعليم بتدريس مناهج تغرس قيمة العمل في نفوس أبنائنا من طلبة المدارس وتعليمهم كيفية إقامة المشاريع الإنتاجية الحقيقية التي تنمي المجتمع وتوفر فرص العمل للعاطلين , تتعاون مع البورصة في تعليمهم كيف يتداولون أسهم الشركات القائمة فيما بينهم لتحقيق مكاسب من دون عمل فيترسخ في أذهانهم أن هذا هو الذكاء في الاستثمار .

 وأتساءل بصدق هل القائمون على البورصة المصرية ووزارة التربية والتعليم مقتنعون فعلاً بأن بيع وشراء أسهم الشركات القائمة منذ عشرات السنين من قبل المتعاملين في البورصة للاستفادة من فروقات الأسعار اللحظية يعتبر استثمار حقيقي ؟ وبمعنى آخر هل يخفى على المسئولين عن إدارة البورصة المصرية ووزارة التربية والتعليم أقوال علماء الاقتصاد الغربيين الصريحة بأن من يقوم ببيع وشراء الأسهم في البورصة للاستفادة من تذبذبات الأسعار اللحظية يعتبر من كبار المقامرين ؟ .

 حقيقة تداول الأسهم في البورصة

 ولمن لا يعلم حقيقة تداول الأسهم في البورصة , أو التبس عليه الفهم , أو لم يبلغه أقوال علماء الاقتصاد الغربيين أنفسهم عن البورصة , أو من يعلم لكن يتوهم المصلحة , إلى كل هؤلاء أوضح حقيقة تداول الأسهم في البورصة .

 1- تداول الأسهم بالبورصة لا يعدو عن كونه نقل ذمم مالية بين أطراف مختلفة دون تحقيق أي قيمة مضافة للاقتصاد , فتداول الأسهم في البورصة مهما بلغ حجمه لا يتعدى نقل الملكية من طرف إلى آخر دون أي فائدة تعود على الشركات المصدرة لتلك الأسهم ، حيث لا يصل إليها أي أموال تساعدها في تطوير الآداء أو زيادة الانتاج ناهيك عن تحسين ظروف العاملين بها .

 2- ارتفاع إسعار الأسهم وانخفاضها في البورصة لا يعبر عن نتائج نشاط الشركات ومعدلات أدائها وما حققته من أرباح , فلا قوائم مالية تؤخذ في الحسبان ولا الأداء المالي للشركات ولا إنتاجيتها ولا الطلب المستقبلي على منتجاتها ولا نمو القطاع أو الصناعة وتوجهاتها المستقبلية كـل ذلك لا يلتفت إليه ، وعوضاً عن ذلك يعتمد على مؤشر قيمة السهم صعوداً ونزولاً , ولمزيد من الإيضاح فإن بعض الشركات في سوق الأوراق المالية لم يبدأ نشاطها بعد ! وأخرى وهمية تحمل اسماً رناناً دون حتى مقر! وشركات تعلن عن خسائرها جهاراً نهاراً على صفحات الجرائد ومع ذلك قيمة أسهمها في ارتفاع متزايد وعلى العكس من ذلك هناك شركات حقيقية تمتلك أصول بقيم مهولة وتحقق أرباح ومعدلات نمو عالية ومع ذلك أسهمها في انخفاض .

 3- الاستثمار في البورصة يهدر قيمة العمل ويساعد على زيادة معدلات البطالة لأن سهولة الاستثمار في البورصة ، بالإضافة إلى سرعة الحصول على أرباح نتيجة تقلبات الأسعار مقارنة بصعوبة الاستثمار في المجالات الأخرى يمثل إغراءً للأفراد والشركات على الاستثمار في البورصة ، وقد دفع هذا البعض إلى تصفية أعمالهم التجارية أو بيع ممتلكاتهم لاغتنام فرصة الربح السريع ، فإن تحقق الربح فيكون على حساب إهدار قيمة العمل في النفوس ، وإن كانت الخسارة فإنها تهدر الثروات والمدخرات اللازمة لإقامة النشاط الاقتصادي القادر على خلق فرص عمل جديدة مما يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة .

 4- إطلاق وصف الاستثمارات على الأموال المحلية أو الخارجية المتداولة في البورصة المصرية " السوق الثانوية " ليس وصفا صحيحاً حيث أن هذه الأموال تستخدم في شراء الأسهم بغرض إعادة بيعها في الأجل القصير للإستفادة من فروق الأسعار ولا تصل باي حال من الأحوال إلى المساهمة في إقامة المشروعات الجديدة أو دعم الشركات القائمة , وهو ما جعل علماء الاستثمار والمختصون بشئون البورصات إلى القول بأن من يضارب في الأسهم ذات الأجل القصير جداً " نفس اليوم أو الجلسة " , وكذلك كل من يكرس كل وقته في المتاجرة بالأسهم لتحقيق هامش ربح عند البيع أو الشراء يعتبر من كبار المقامرين .

 5- البورصة المصرية القائمة نشأت اعتمادا على المنهج الرأسمالي الغربي دون تطويع لها لكي تلائم الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والاعتقادية السائدة في مجتمعنا وقد أدى ذلك إلى فتح باب التبعية للأسواق المالية الخارجية وجلب لنا أمراضها المتمثلة في المعاملات الوهمية التي تعرف بالمشتقات المالية التي يجـري التعـامل عليهـا في سوق العقـود الآجـلة والمسـتقبلية مثل البيـع على المكشوف أو القصير Short Sale والشراء بالهامش Margin و الخيارات Options وبيع وشراء المؤشر Index وما شابهها فكلها من قبيل القمار مهما ابتكروا لها من مسميات وهو أمر لا يحتاج إلى مجهود في الإثبات فيكفي الاستشهاد ببعض وليس كل أقوال الاقتصاديين الغربيين الذين كتبوا عن المشتقات المالية ومنهم :

 •دافيد كورتين صاحب كتاب العولمة والمجتمع المدني يقول إن أكثر من تريليون دولار تتداولها الأيدي إلتماسًا لعوائد مالية قصيرة الأجل لا علاقة لها بالإنتاج أو التجارة في أي سلع أو خدمات فعلية ، ويضيف أصبح النظام المالي العالمي ناديًا عملاقًا للقمار تعتمد الفوائد فيه على استخلاص الثروة من بين أيدي الآخرين .

 •أما بيتر داركر فيقول أن المنتجات العلمية خلال الثلاثين عامًا الماضية كانت في الغالب مشتقات مالية لكنها في حقيقة الأمر لم تكن أكثر علمية من أدوات القمار في " لاس فيجاس " أو " مونت كارلو " .

 •أما شانس فيقول لن يكون بالوسع الإفلات من النقد الموجه إلى عقود الخيار والعقود المستقبلية بأنها تسهم في رعاية القمار المقنن .

 • جورج سورس الملياردير اليهودي المعروف الذي كان وراء أزمة النمور الآسيوية وانهيار أسواقها المالية أعلن في لجنة البنوك الأمريكية عام 1994 أن بعض أدوات المشتقات المالية تم تصميمها خصيصًا لتمكين المؤسسات الاستثمارية من المقامرة .

 • وارن بافت يقول المشتقات المالية قنابل موقوتة للمتعاملين بها وللاقتصاد إنها مثل جهنم يسهل دخولها ويستحيل الخروج منها إنها أسلحة مالية للدمار الشامل .

 مثال توضيحي لمن لم يقتنع بعد

 يعلم الجميع أن مصر بها أزمة في الإسكان الاقتصادي بملايين الوحدات ومطلوب الاستثمار في القطاع العقاري لبناء عمارات بها وحدات سكنية جديدة لإنهاء الأزمة , وقد تفهم المتعاملون في البورصة ممن يطلق عليهم المستثمرين الماليين المشكلة فقرروا تداول أسهم الشركات العاملة في القطاع العقاري بيعاً وشراءً فيما بينهم وبمئات المليارات من الجنيهات يومياً ولسنوات متتالية ! فهل يساهم هذا التداول في بناء شقة واحدة تساعد في حل الأزمة ؟ .

 ختاماً أرجو اعتبار هذه صيحة لمن يهمه الأمر بالتدخل لتصحيح وضع البورصة المصرية لتكون داعمة للاقتصاد الحقيقي , ومطالبة بوقف التعاون القائم بين البورصة بوضعها الحالي وبين وزارة التربية والتعليم وإلغاء مسابقة " ستوك رايدرز مدارس " لأنها تقدم صورة خاطئة عن الاستثمار لأبنائنا من طلبة المدارس , وأدعو كل المصريين وكل المحبين لمصر من غير المصريين لدعم الاقتصاد المصري بالحرص على توجيه رؤوس أموالهم إلى النشاط الإنتاجي باعتباره المحور الأساسي في النشاط الاقتصادي العيني القادر على توفير فرص عمل للشباب وتحقيق دخل لهم , بدلاً من توجيه رؤوس أموالهم إلى النشاط المالي الطفيلي الذي لا يحقق أي قيمة مضافة للاقتصاد , بل على العكس يهدر الثروات والمدخرات اللازمة للعملية التنموية في تعاملات وهمية لا يستفيد منها سوى فئة مخصوصة ومحدودة ويكون ذلك على حساب تدمير الاقتصاد القومي بدعوى دعم البورصة .

عبد الفتاح محمد صلاح
مشرف موقع الاقتصاد العادل
Created By M2000 Studio

Valid XHTML 1.0 Transitional