حقيقة المضاربة في البورصة
   
نظراً لزيادة عمليات البورصة المسماة         بالمضاربة وفقاً للمفهوم الغربي وليس الشرعي على عمليات الاستثمار ، لدرجة أن غالب عمليات         البورصة أصبح         مضاربة وإذا شئت قل مراهنة , فهي مراهنة على الصعود في         البيع على المكشوف " القصير "         Short Sale , وهي مراهنة على الهبوط فى         الشراء بالهامش " الحد "         Margin . 
   
ووصل حجم المعاملات التي تتم على المكشوف ( أي بيع أسهم لا يملكها بائعها وليس بوسعه تسليمها ) في         البورصات الغربية وخاصة الأمريكية إلى 75% من إجمالي حجم المعاملات فيها ، هذا الأمر دفع بعض المقلدين للفكر الغربي في بلداننا , إلى القول بأن البيع على المكشوف    يعد شرطاً أساسياً من شروط قيام         بورصة دائمة ومستمرة .
   
لذا يجب لفت الأنظار إلى حقيقة         المضاربة في البورصة        , وخاصة أن تسميتها         بالمضاربة فيه استخدام لمصطلح فقهي في غير موضعه , لدرجة أن المعنى الغربي         للمضاربة أصبح هو الشائع , وتوارى مدلول         المضاربة الشرعية , ليس بين العامة وحدهم , ولكن بين العلماء أيضاً , وهذا خطأ ينبغي تداركه لأن فيه تشويه لعقود المعاملات المالية الإسلامية الصحيحة . 
المضاربة الشرعية وأركانها وشروطها
   
المضاربة عقد من عقود الاستثمار , يقوم في جوهره على التأليف بين المال وبين العمل في تكامل         اقتصادي يحقق مصلحة الملاك والعمال على حد سواء .
تعريف المضاربة الشرعية
   
المضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر للتجارة ، كما جاء في قوله تعالى :           { وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ         } المزمل 20 .
   
وتسمى قراضاً وهو مشتق من القرض وهو القطع , لأن المالك قطع قطعة من ماله ليتجر فيها وقطعة من ربحه . والمقصود بها عقد بين طرفين على أن يدفع أحدهما نقداً إلى الآخر ليتجر فيه ، على أن يكون الربح بينهما حسب ما يتفقان عليه ، والخسارة على صاحب المال  .
مشروعية المضاربة 
 
المضاربة جائزة بالسنة والإجماع . وقد       ضارب رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها بمالها وسافر به إلى الشام قبل البعثة .
حكمتها
   
لقد شرعها الإسلام وأباحها تيسيراً على الناس . فقد يكون مالك المال غير قادر على استثماره . فأجاز الشارع هذه المعاملة ليتحقق تعاون المال والعمل وينتفع كل منهما من الآخر . 
أركان المضاربة الشرعية وما يتعلق بها من شروط
   
للمضاربة خمسة أركان عاقدان ، ومال ، وعمل ، وربح ، وصيغة ولكل ركن من هذه الأركان شروط لابد من تحققها وإلا لم تصح         المضاربة .
1.العاقدان
   
العاقدان في المضاربة هما : رب المال أو صاحب المال من ناحية , ورب العمل أوالعامل أو         المضارب من ناحية أخرى . ويشترط فيهما بصفة عامة ما يشترط في الموكل والوكيل من كونهما مالكين لأهلية التصرف بأنفسهم فيما يوكلون فيه .
2.المال
   
المال هو الركن الثاني من أركان         المضاربة وقد اشترط الفقهاء له عدة شروط هي :
أ ـ أن يكون رأس المال نقداً فإن كان حلياً أو عروضاً فإنها لا تصح .
ب ـ أن يكون المال عيناً لا ديناً وهو قول أكثر أهل العلم ، قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنه لا يجوز أن يجعل الرجل ديناً له على رجل      مضاربه .
جـ ـ أن يكون رأس المال معلوم المقدار فإن كان مجهولاً فلم تصح      المضاربة ، لأن جهالة رأس المال تؤدي إلى جهالة الربح ، ولأنه يفضي إلى المنازعة والاختلاف .
د ـ تسليم رأس المال للمضارب بحيث يتصرف فيه وحده ، فلو شرط كون المال في يد المالك أو غيره ليوفي منه ثمن ما اشتراه العامل ، أو شرط مراجعته في التصرف لم تصح .
3.العمل
   
العمل أحد أركان المضاربة ولابد من أن تتوفر فيه الشروط الآتية :
أ ـ أن تكون المضاربة مطلقة فلا يقيد رب المال العامل بالاتجار مع رجل بعينه أو سلعة بعينها أو مالا يعم وجوده ، لأنه تقييد يمنع مقصود      المضاربة وهو التقليب وطلب الربح . فلابد من عدم اشتراطه وإلا فسدت      المضاربة .
ب ـ أن يكون في مجال التجارة كما جاء في تعريف      المضاربة بأنها عقد بين طرفين على أن يدفع أحدهما نقداً إلى الآخر ليتجر فيه .
4.الربح
   الربح ركن من أركان      المضاربة ولكي يصح عقدها يشترط :
أ ـ أن يكون الربح بين العامل وصاحب المال معلوماً بالنسبة كالنصف والثلث والربع ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها . وقال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه على إبطال القراض إذا جعل أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة .
ب ـ يشترط حضور رب المال عند قسمة الربح قال ابن رشد : " أجمع علماء الأمصار على أنه لا يجوز للعامل أن يأخذ نصيبه من الربح إلا بحضرة رب المال ، وأن حضور رب المال شرط قسمة المال وأخذ العامل حصته ، وأنه لا يكفي في ذلك أن يقسمه في حضور بينه أو غيرها " .
5.الصيغة
   
ينعقد هذا العقد بلفظ القراض بتسمية أهل الحجاز ، وبلفظ         المضاربة بتسمية أهل العراق ، وبكل لفظ يؤدي معناه لأن المقصود من العقود هو حقائقها ومعانيها فجاز بكل ما يدل عليه .
مضاربة البورصة بمفهومها الغربي
   
ما تقدم موجز للمضاربة الشرعية        وأركانها وشروطها , والآن أعرض ملخص عن         مضاربة البورصة بمفهومها الغربي , ليتبين للقارئ الكريم الفرق بين الاثنين .
تعريف مضاربة البورصة
   
لا يوجد تعريف محدد لمضاربة البورصة        ، فبينما يعرفها البعض بأنها انتهاز فرصة التحركات القصيرة الأجل في سعر الأسهم ، لشراء أو بيع هذه الأسهم لتحقيق أرباح .
   
عرفها آخر بأنها بيع أو شراء صوريين , لا بغرض الاستثمار ولكن للاستفادة من التغيرات التي تحدث في القيمة السوقية للأوراق المالية في الأجل القصير جداً ، حيث ينخفض بشدة معدل الارتباط بين القيمة السوقية للأوراق المالية, وبين القيمة الاسمية والدفترية الحقيقية . 
   
وعرفت بأنها المراهنة على ارتفاع الأسعار وهبوطها ، للاستفادة من فروق الأسعار دون تقابض ، فلا البائع يسلم ما باعه ولا المشتري يتسلم ما اشتراه , وتجرى العمليات عن طريق المناداة , وتقيد الأسعار بصورة ظاهرة في لوحات معروضة للجمهور .
   
يتضح من هذه التعريفات ما يلي :
1.ليس هناك نية للتمليك والتملك وتنحصر العملية في دفع أو قبض فروقات الأسعار بين يوم العقد ويوم التصفية ، أو بين لحظة الشراء ولحظة البيع أو العكس .
2.انخفاض معدل الارتباط بين القيمة السوقية للأسهم وقيمتها الدفترية ( الحقيقية ) ، وهذا يعني أن      أسعار الأسهم في البورصة     تتحرك في اتجاه منفصل عن إنتاجية وربحية ونمو أصول الشركات المصدرة للأسهم .
3.المراهنة على ارتفاع الأسعار وهبوطها يجعلها أشبه بكازينوهات القمار . بل إن المستثمرين في الأسهم ذات الأجل القصير جداً الذي يصل في بعض الأحيان إلى المتاجرة في الأسهم في اليوم نفسه بيعاً وشراءً ، هم المحترفون والمقامرون .
4.ما يسمى بالمضاربة في البورصة     لا يمثل أي قيمة اقتصادية للمجتمع لأن البعض يربح ما يخسره البعض الآخر ، ليس هذا فحسب بل أنها تؤدي إلى عدم الاستقرار وتقلب الأسواق ، كما تؤدي إلى تركيز الأموال في أيدي قلة من كبار المقامرين المحترفين الذين يتلاعبون بالأسعار .
علاقة مضاربة البورصة بالمضاربة الشرعية 
   من التعريفات والإيضاحات السابقة يتبين أن ما يسمى      بالمضاربة في البورصة بالمفهوم الغربي يختلف كل الاختلاف عن      المضاربة الشرعية بأركانها وشروطها . غير أن القائمين على شئون      البورصات من أصحاب الفكر      الاقتصادي المعاصر المتأثرين بالفكر الغربي ، استخدموا كلمة      المضاربة بمدلولها الشرعي ، ليوهموا المتعاملين في      البورصة بشرعية العمليات التي تتم فيها ، والتي وصفها علماء      اقتصاد , خبراء استثمار , ومتخصصون غربييون في شئون      البورصة بأنها قمار وتلاعب بالأسعار ، وأنها شر مستطير .
فإذا كان الأمر كذلك ولا وجه للشبه بين      المضاربة الشرعية ومضاربة البورصة     ، فما علاقة مضاربة البورصة     بمفاهيم الاستثمار , والمزايدة , والمخاطرة , والمقامرة ، حتى يمكننا الحكم عليها من الناحية الفقهية .
أولاً : مضاربة البورصة والاستثمارستثمار
مما يقال أن البورصة بطبيعتها يوجد فيها المستثمر      والمضارب , ولكل منهما دوافعه الذاتية في التعامل ، فالمستثمر يرى أنها مكان مناسب لاستثمار أمواله والحصول على الأرباح في المدة الطويلة . أما      المضارب فإنه لا يهدف إلى الاستثمار أساساً  , وإنما يوظف أمواله في شراء الأوراق المالية عندما تنخفض أسعارها , وبيعها عندما ترتفع اسعارها في أقرب فرصة .
   رغم هذا التباين في الدوافع الذاتية لكل من المستثمر      والمضارب , والذي يعتبر حداً فاصلاً للتفريق بين الاستثمار      ومضاربة البورصة ، إلا أن هناك اعتبارات أخرى توضح مدى الاختلاف بين مفهوم الاستثمار      والمضاربة في البورصة     ، وهذه الاعتبارات هي :
1.العوائد المتوقعةمتوقعة
بينما يكون اهتمام المستثمر بالعائد السنوي الناتج عن النشاط الحقيقي للشركات ، يهتم      المضارب بتحقيق الربح من تذبذبات أسعار الأسهم اللحظية في      البورصة . إضافة إلى أن العوائد المتحققة من الاستثمار تمتاز بالدورية والثبات النسبي ومعقولية نسبتها ، أما عوائد      المضاربة فهي غير منتظمة ومتقلبة ونسبتها متضخمة , وتفوق عوائد الاستثمار الحقيقي .
2.درجة المخاطرةمخاطرة
يطلق لفظ الاستثمار على الأنشطة التي تقل فيها درجة المخاطرة ، بينما يطلق اسم      المضاربة على الأنشطة التي تزيد فيها درجة المخاطرة . فالخسائر التي قد يصاب بها المستثمر غالباً ما تكون طفيفة ويمكن تغطيتها من الأرباح الاحتياطية ، أما      المضارب فعليه أن يكون مستعداً لخسائر قاسية قد يتعرض بسببها إلى الإفلاس .
3.مدة استخدام الأمواللأموال
الاستثمار يستمر لعدة سنوات ، بينما المضاربة لا تتجاوز الأيام أو الأسابيع بأي حال .
4.نوع التعامل
المتعاملين في السوق العاجلة ممن يريدون شراء الأسهم وتسلمها للاحتفاظ بملكيتها  مستثمرين ، والمتعاملين بالبيع القصير والهامش للاستفادة من تذبذبات الأسعار      مضاربين .
   من الاعتبارات السابقة يتضح أن      مضاربة البورصة , لا تعد بأي حال من الأحوال نوعاً من الاستثمار الحقيقي , ولاتعدو عن كونها نشاط مالي طفيلى لا يحقق أي قيمة مضافة      للاقتصاد .
ثانياً : مضاربة البورصة والمزايدة زايدة 
يوجد خلط بين بيع المزايدة " بيع من يزيد " في الشرع , وما يجري في      البورصة من ارتفاع في أسعار الأسهم عن قيمتها الحقيقية ، وهذا الخلط لا يصح لعدة أسباب هي :
1.في المزايدة يجري التنافس بين المشترين ويحصل على السلعة من قدم أعلى سعر ، وأما البائعون فلا سبب للمنافسة بينهم حيث أن البيع يتم لحساب بائع واحد ، بينما في      مضاربة البورصة يتنافس المشترون مع بعضهم البعض على أعلى سعر يعرضونه للشراء ، ويتنافس البائعون مع بعضهم البعض على أدنى سعر يطلبونه للبيع ، وتتم الصفقة بين المشتري الذي يعرض أعلى الأسعار مقارنة بغيره من المشترين ، وبين البائع الذي يقبل أدنى سعر مقارنة بغيره من البائعين .
2.الوحدات المباعة في المزايدة ليست متماثلة في الغالب ولو تعدد البائعون ، بينما الوحدات المباعة في      مضاربة البورصة متماثلة ، لذلك تكون المنافسة كبيرة بين البائعين في      مضاربة البورصة .
3.لو صح أن ما يحدث في      مضاربة البورصة بين المشترين من منافسة في تقديم أعلى الأسعار للشراء نوعاً من المزايدة ، فإن ما يحدث من جانب البائعين من منافسة في تقديم أقل الأسعار لا يمكن وصفه إلا بالمناقصة ، وتكون بذلك المزايدة والمناقصة شيء واحد وهما من الأضداد .
   من الأسباب السابقة يتبين أن      مضاربة البورصة ليست بيع مزايدة .
ثالثاً : مضاربة البورصة والمخاطرةمخاطرة
حاول البعض وضع تعاريف تخلط بين مخاطر تعاملات ما يسمى      بالمضاربة في البورصة     ومفهوم المخاطرة في التجارة , ليبتعدوا بها عن مأزق ما يحدث عملياً من تعاملات توصف بأنها مقامرة ، ومن هذه التعريفات ما يلي :
•يعرف المعجم القانوني      المضاربة : بأنها كلمة يختلف مفهومها باختلاف النص أو السياق , وهي مزيج من التوقع والتمني والحدس والانتهاز والاستغلال والمجازفة . ولعل من أبرز معانيها المتاجرة بيعاً وشراءً , توخياً للكسب نتيجة تقلب الأسعار في المستقبل . والمعنى يتضمن ممارسة الأشغال المنطوية على الخطر والمغامرة في سبيل الكسب العظيم .
•وعرفها آخر بأنها شراء الأوراق المالية عندما تنخفض أسعارها ، وبيعها عند ارتفاعها ، وفي أقرب فرصة ، وهي تقتضي إلماماً واسعاً بالسلع والصكوك ، وحساباً دقيقاً لاحتمال رواجها أو كسادها وهذا ما يفرقها عن المقامرة .امرة .
•وعرفت بأنها المتاجرة في الأسهم في الأجل القصير , لتحقيق أرباح سريعة لكنها أيضاً محفوفة بالمخاطر .
التعريفات السابقة تجتهد في إظهار      مضاربة البورصة على أنها تتطابق مع مخاطرة الأنشطة الإنتاجية والتجارية العادية التي تحدث خارج نطاق      البورصة ، وهذه      المخاطرة معروفة في الفقه الإسلامي بالضمان ، ومن هنا جاء القول " الخراج بالضمان "      أي أن الكسب بالمخاطرة.
   ومن المعلوم أن مخاطرة      مضاربة البورصة درجتها أكبرمن مخاطرة الأنشطة الإنتاجية والتجارية ، بالإضافة إلى أن المخاطرة في القطاع الإنتاجي ذات مردود إيجابي على مستوى النشاط      الاقتصادي , بينما      المضاربة في البورصة     ذات أثر سلبي على النشاط الاقتصادي .
   الإمام ابن القيم له رأي يؤكد على الفرق بين طبيعة المخاطر التجارية المقبولة وبين المخاطر الأخرى التي لا علاقة لها بالتجارة فيقول : " والمخاطرة مخاطرتان , الأول : مخاطرة التجارة وهو أن يشتري السلعة يقصد أن يبيعها ويربح ويتوكل على الله في ذلك ، والخطر الثاني : الميسر الذي يتضمن أكل المال بالباطل فهذا الذي حرمه الله تعالى ورسوله . مثل بيع ما ليس عنده بقصد أن يربح فيبيعه بسعر ويشتريه بأرخص منه ، ثم هذا الذي قدره قد يحصل كما قدره ، وقد لا يحصل فيندم ، فصار هذا من نوع الميسر والقمار والمخاطرة , وليست هذه المخاطرة مخاطرة التجار بل مخاطرة المستعجل بالبيع قبل القدرة على التسليم ".
يلاحظ أن الواقع العملي للبيع على المكشوف يتطابق تماما مع وصف بيع ماليس عنده , الذي جاء في كلام الإمام ابن القيم , وهذا يعني أن مخاطرة      
مضاربة البورصة لا تشبه مخاطرة التجارة , وإنما تشبه مخاطرة الميسر , التي تتضمن أكل أموال الناس بالباطل .
رابعاً : مضاربة البورصة والمقامرةمقامرة
يرى البعض أن الخط الفاصل بين      مضاربة البورصة والمقامرة غير محدد تحديداً دقيقاً ، والتفريق بينهما يتوقف على طريقة أخذ قرار الشراء ، فإن كان القرار مبنياً على الخبرة والدراسة للأسباب السياسية      والاقتصادية والمالية فالعملية      مضاربة ، وإن كان القرار لا يقوم على الدراسة ويعتمد على التخمين والحظ فالعملية مقامرة ، ويظهر هذا المعنى في التعريفات التالية للمقامرة :
•المقامرة طبقاً لموسوعة عالم التجارة , هي الشراء بناءً على تخمين ما سيكون عليه السوق بالنسبة لسلعة ما , دون أية دراسة بقصد الاستفادة من تغير الأسعار ، والقمار هو كل لعب فيه مراهنة .اهنة .
•والمقامر هو الذي يقوم بعقد الصفقات اعتماداً على الحظ ، ودون أية خبرة أو دراسة بل التخمين والاندفاع ، إلا أنه يعتبر حسن النية .
•والقمار علاقة مخاطرة أو منافسة أو فعالية بين متعاقدين ، يغنم فيها أحدهما ما يغرمه الآخر اعتماداً على الحظ .
التعريفات السابقة تتفق على أن      مضاربة البورصة عملية محكومة بقانون خاص ، وتعتمد على مسببات حقيقية تخضع للدراسة ، فإن كان الأمر كذلك فلماذا يكون مكسب طرف معين خسارة للطرف الآخر ـ كالقمار تماماً ـ  طالما أن الطرفان احتكما لنفس القانون ؟ واضح ألا سبب مقنع إلا أن يكون التعامل مبني على التخمين بدرجة كبيرة ، أو أن طرف يمتلك معلومات أكثر لعلاقته بسلطة اتخاذ القرار ، وغير ذلك من الطرق غير الشرعية كالاحتكار , واتفاقيات التلاعب , والعقود الصورية ، وغيرها مما جرمته القوانين الوضعية وحرمه الإسلام . 
الموقف الفقهي من مضاربة البورصة بورصة 
الفقه الإسلامي لا يمنع أن يمارس الشخص البيع والشراء بهدف الربح , وتحصيل الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع ، وهذا هو عمل التجار . وهو ما يقوم به      المضارب في عقد      المضاربة الشرعية ، ويشترط الفقه الإسلامي لصحة المعاملات المالية التزام التجار بالضوابط الشرعية في العقود والمعاملات ، والالتزام بأخلاق الإسلام في التجارة من التقوى والأمانة والصدق . 
   لكن مضاربة البورصة     تقوم على الغرر , والتضليل , وترويج الشائعات الكاذبة , والتلاعب بالسوق , وليس هناك التزام بضوابط الفقه الإسلامي للعقود ، فالبائع يبيع ما لم يملك وما ليس عنده , والعقود صورية حيث لا نية للبيع والشراء , ولا التمليك والتملك ، ويكتفي بقبض الفرق بين سعري الشراء والبيع ,      والمضاربة الآجلة مبنية على البيع على المكشوف , والشراء بالهامش , وكليهما يعتمد في تنفيذه عملياً على القروض الربوية المحرمة شرعاً .
   بالإضافة إلى أن علماء الاستثمار والمختصون بشئون      البورصات , يرون أن كل من يكرس كل وقته في المتاجرة بالأسهم لتحقيق هامش ربح عند الشراء والبيع يعتبر من كبار المقامرين , ويرون أن المقامرون هم      المضاربون في الأسهم ذات الأجل القصير جداً ، والذي يصل في بعض الأحيان إلى المتاجرة في الأسهم في اليوم نفسه بيعاً وشراءً .
   الأكثر من ذلك أن القوانين الحاكمة للمبادلات في هونج كونج تقضي صراحة بأن عمليات      المضاربة على فروق الأسعار تعد من القمار , وتعد عمليات غير قانونية وغير مشروعة ، والقانون الأسترالي يخضع عقد الخيار على الأسهم الذي يتطلب تسوية نقدية لقانون الدولة للقمار والرهان .
   والآن بعد أن تبين أن      مضاربة البورصة تختلف كل الاختلاف عن      المضاربة الشرعية , وهي لا تعد نوعاً من أنواع الاستثمار ، وليست بيع مزايدة , ولا تشبه مخاطرة التجارة ، وأنها تقوم على التخمين والحظ ، وما يربحه طرف يخسره طرف آخر بنفس المقدار , واستناداً على الآراء الواضحة في      مضاربة البورصة من علماء      اقتصاد , وخبراء استثمار , ومختصون غربيون في شئون      البورصة ، فإنه لم يعد هناك مجال للتردد في القول بأن      مضاربة البورصة بالصورة التي تحدث بها , هي نوع من أنواع القمار المحرم شرعاً . هذا والله أعلم . 
 عبد الفتاح محمد صلاح
مشرف موقع الاقتصاد العادل