تعانى مصر من مشكلة القمامة من سنوات كثيرة، تلك المشكلة التي تتواجد في الأحياء الراقية والفقيرة علي السواء، فلم يعد غريباً أن ترى صندوق القمامة مكتظ ويمتد لنصف شارع أو قد تجد قمامة بلا صندوق من الأساس والمفارقة ان كلاهما تبعث روائح كريهة وتؤدى إلي انتشار الأمراض، والحكومة المصرية رغم الوعود إلا أنها غائبة عن الحلول.
ولم تخلو برامج الحكومة المصرية من جدولة لحل مشكلة القمامة، إذ كان قد أعلن الرئيس محمد مرسي خلال برنامجه الانتخابي أنه سيقضي علي هذه المشكلة، وأعلن الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء أن هناك جهود مبذولة من خلال "إجراءات سريعة وفعالة" إلا أن الشارع المصري مازال يعانى من ازدياد انتشار القمامة.
إعادة التدوير
و تشير الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة البيئة إلى زيادة حجم الزبالة عاماً بعد عام بشكل كبير خصوصاً مع تزايد عدد السكان، وأن مايتم رفعه منها لا يزيد على النصف في حين يظل قسم كبير في الشوارع، وأن حجم الزبالة عام 2000 كان 20 مليون طن ومتوقع أن يصل إلى 30 مليون طن عام 2016، يرى الخبراء أن مشكلة القمامة يمكن التعامل معها جدياً عبر عمليات إعادة التدوير التي تعد نشاطا اقتصاديا في العديد من الدول، مثل الصين التي حرصت على استيراد المخلفات الصلبة مثل البلاستيك من مصر، ويضيف الخبراء أنه للاستفادة من القمامة يجب فتح استثمارات في هذا النشاط ووجود إجراءات قوية وفعالة من جانب الحكومة.
وأشار تقرير وزارة البيئة المصرية الصادر عام 2011، والذي بيّن أن حجم المخلفات الصلبة الناتجة عن استخدامات المنازل فقط تبلغ سنويًا 21 مليون طن، أي أن المعدل اليومي لإنتاج المخلفات الصلبة يبلغ 58 ألف طن، في حين أن ما يعاد تدويره من هذه المخلفات لا يتعدى 20% منها. ويؤكد التقرير أن عمليات التدوير لا تتم وفق الشروط البيئية الصحية. أما عن المخلفات الزراعية فيشير التقرير إلى أنها تبلغ نحو 52 مليون طن في العام، وأن ما يعاد تدويره منها أقل من 15%.. ويذكر التقرير أنه في حال إعادة تدوير 50% من المخلفات الزراعية، ستحصل مصر على مجموعة من العوائد الاقتصادية السنوية، منها الحصول على طاقة "البيوغاز" بما يعادل 2.6 مليون طن بترول، ونحو 19.8 مليون طن من السماد العضوي، ومليون طن سماد سوبر فوسفات، ونحو 541 ألف طن من سماد نترات الأمنيوم.
رأي المواطنين
وقال، أحمد إبراهيم الذى يسكن ببولاق الدكرور، أن الحي ممتلئ بالقمامة والمهملات، وأخشي علي أطفالي من مشاكل التنفس والأمراض وأرسلت شكاوى للحي أكثر من مرة، ولكن بلا فائدة، بينما أشارت إيناس أحمد، أن الحل أن يخرج مسئول ويتحدث عن أسباب المشكلة بصراحة، ويتم إلغاء التعاقد مع الشركات المتقاعسة وتتلاعب بأموال الحكومة فقط، ويتم عمل مبادرات وطنية بشباب وتوفير وظائف عمل لهم. وترى هند الحفني، التي تسكن بأرض اللواء، أن المسؤولين في مصر يدركون جيداً أن الحل يكمن في عمل مصانع عملاقة بإستثمارات لجمع القمامة وإعادة فرزها وتدويرها أو بيعها للخارج او تحويلها لطاقة نظيفة
مشروع قومى
ويرى عبد الفتاح صلاح، الكاتب السياسي والإقتصادى، أننا نحتاج إلي الاستفادة من مكونات المنجم الحضاري " الزبالة المصرية " وذلك ببيع 25 مليون طن زبالة وفقاً للأرقام الرسمية المعلنة عن الكميات، وبسعر 6 آلاف جنيه للطن طبقاً للدراسات العلمية للمراكز البحثية عن سعر الطن، فيتحقق إيراد بيعي قدره 150 مليار جنيه تغطي قيمة العجز بالموازنة وتفيض، وكل المطلوب إرادة جادة وبدء فوري في المشروع القومي لإعادة تدوير الزبالة، مضيفاً أن إعادة تدوير الزبالة يضاعف سعرها إلى عشرة أضعاف ثمنها طبقاً للدراسات العالمية، ويعتبر الحل الأمثل للتخلص منها بطريقة تحد من المخاطر البيئية والصحية الناتجة عن حرقها، كما أنها تعود بالنفع الاقتصادي على الدولة فتنخفض ميزانية عقود النظافة، ويتم خلق فرص استثمارية لمنشآت صغيرة ومتوسطة الحجم تعتمد على المواد المفروزة، وتوجد منتجات بديلة للمواد الطبيعية مثل اللدائن كبديل للخشب، هذا بالإضافة إلى توفير الآلاف من فرص العمل للعمال والفنيين والمهندسين والاداريين على حد سواء.
بينما قال شحاته إبراهيم شحاته، نقيب الزبالين، إن الحكومة المصرية وقعت في خطئاً عام 2000 عندما فكرت في التعاقد مع الشركات الأجنبية لفترة طويلة بدون التفكير في مصلحة المواطن، والحل يكمن في دعم فكرة إعادة التدوير ودعم مؤسسات المجتمع المدنى وتعليم الأبناء في الخارج علي فكرة إعادة التدوير ووضع حلول جديد لجمع القمامة والحد من إنتشارها.
وعلي الرغم أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرارات التابع لمجلس الوزراء، عرض المشكلة ووضع خطوات علمية لحلها إلا أن الحكومة مازالت تبحث عن حلول جديدة، وتعرض مقترحات بحاجة إلي تنفيذها علي ارض الواقع.
|